يشرح إيرا موضوعا صعبا في 57 ثانية
أحيانًا تريد شيئًا غامضًا: أن تندفع فكرةٌ لا تفهمها تمامًا أنت نفسك إلى «قدْر» تفكير شخصٍ ما في نفسٍ واحد، ثم تبقى هناك كأنها له، وتتكفّل هي وحدها بإيجاد مكانها.
وأحيانًا تريد شيئًا محددًا: أنت تفهم الفكرة، لكن للآخرين ينبغي تقديمها بشكلٍ جميل. وأن تُحفظ. وأن تُحَسّ. وأن تُحترم. وأن تجلب المال. اثنين!
هذه المرة أردتُ أن تنقل إيرا إلى المشاهد واحدةً من هاتين الفكرتين، أو كلتيهما معًا، إمّا ممزوجتين وإمّا بالتتابع—لا كـ«رأس يتكلم»، بل كشخصيةٍ ذات سخريةٍ جريئة وإيماءاتٍ تخصّها، لإيماءاتها ذاكرةٌ ومعنى.

عشر ثوان من الحيرة المؤلمة والمنعشة في الوقت ذاته. من تكون هذه إيرا بالنسبة إليّ؟ لماذا اختلقتها هكذا؟ آه...تذكرت...

المحاولة الأولى بدت صحيحة، لكنها بدت فارغة: الصوت موجود، المعنى موجود، لكن لا توجد متعة. اليدان لم تعرفا أين تكونان—كممثلٍ حفِظ النص لكنه لم يفهم لماذا ظهر بطله في الكادر. كان مضحكًا لي أن أرى كيف تحول الإيماءات «الاحترافية» المعتادة (القياس والإشارة والتأكيد) إيرا إلى مذيعة، وكانت هذه المذيعة، مع تلك الفرشاة المتدلية على قبعتها الأكاديمية—سيئة جدًا.

ثم بدأت التكرارات. أولاً—إيرا تصمت. أنا أتحدث مكانها صامتًا. إن كنتم فهمتم قصدي.

عشر ثوان من الحيرة المؤلمة والمنعشة في الوقت ذاته. من تكون هذه إيرا بالنسبة إليّ؟ لماذا اختلقتها هكذا؟ آه...تذكرت...

تغيرت الجملة. جرب هذه الإيماءة. آه، الفكرة اتخذت مكانها كقطعة في لغز. وإن كانت إيماءة مختلفة؟ لا، هناك شيء ما غريب. دعني أفكر مليًا. فكرت.
مرة أخرى: جملة، إيماءة، تفكير عميق... مائة مرة. غيّرت ترتيب الأفعال.
ثم جاء «الصوت». لا أعلى—أعمق. لا «شرح»—«غطس في البديهي». تخفض إيرا درجة صوتها قليلاً، وفيه تظهر ثقة ماكرة لشخص يُسليه أنه يقطع الموضوع من الداخل، بينما الآخر الذي يتم «غطسه»—أحمق. لم تكن حكاية بعد الآن، بل سخرية. لكن النبرة حاولت أن «تغري» المعنى، لا أن تمسكه. اضطررت إلى تنظيف الابتسامة الودية من الصوت وترك السخرية فقط—كندبة لا تحتاج إلى إخفاء.
وهي، الفكرة، أخيراً توقفت عن الإلقاء نظرة خاطفة على الساعة.]
لم تجد إيرا الحركة بسهولة. أي حركة «مُولّدة» كانت تحول الفكرة إلى إعلان. أو إلى إيماءات سيدة نبيلة متغطرسة. أو إلى فحش..

هذا الشعور الغريب أن إيرا «ترى» النظر، حتى لو لم يكن أحد في الكادر... سحر ما. بحق...

اضطررت إلى التذكر بأن الحركة ليست زينة، بل فعل. إيرا بنوع من الآلية في الحركات تبدو كأنها تدفع أمامها مستوى غير مرئي—لا «لوح»، بل حدود الانتباه.
أولاً أقرب إلى المشاهد، ثم نحوها. هذا البندول الميكروسكوبي يجمع الجملة في التركيز. معه توقفت الكلمات عن «السقوط» كالرمل من الطاولة. باختصار، الحركات تناسبها كالملابس—للمتشدقة بالموضة. أو العلف—للحصان.
وأيضاً—الفواصل. الفاصل لا يصمت، بل يمسك الباب مفتوحاً على آخره. فاصل إضافي—والمشاهد يرحل. فاصل ناقص—والفكرة لا تجد وقتاً لتنبت. ساعدتني هنا أشياء بسيطة: عد ليس الثواني، بل النظر. طالما النظر يتحمل—الفاصل حي. حالما تبدأ العيون تتجول—حان الوقت للمضي. هذا الشعور الغريب أن إيرا «ترى» النظر، حتى لو لم يكن أحد في الكادر... سحر ما. بحق...
عندما توافق كل شيء، كان النص قصيراً لدرجة السخافة: تأكيد واحد، مقارنة واحدة، صورة واحدة، حركة واحدة. بدون استعارات تحب نفسها أكثر من المعنى. بدون «اليوم سنتحدث». بدون «تخيل بنفسك». كان يجب أن تبدو الفكرة كأنها كانت موجودة دائماً، فقط شخص ما أخيراً أزال عنها القمامة.
التسجيل النهائي استغرق 57 ثانية. نعم، أطول مما أردت. لكن قص أكثر—يعني قص إيرا. وهي، الشخصية، تقاوم أسوأ من أي مؤشر أداء.
وهذا صحيح. الأكثر إثارة للاهتمام في هذا العمل هو اللحظة التي تفهم فيها: أنت لا تحدد وقت الدور، بل الدور يحدد وقت الفكرة.
أو العكس. لم أتمكن من فهم ذلك. لكن يا إلهي، إنها تعمل! رعب بسيط. هل فعلت هذا أم فعلته بنفسها؟

إيرا تشرح لطالب ما هو البلوكتشين في 57 ثانية

إيرا تعرف كيف تصبح ممرضة المعنى: لا تضغط، لا تسحب، بل تضع يدك في الوقت المناسب. أو دلواً.

الأكثر صدقاً هنا—ليس التقنية (هناك الكثير منها وهي مرئية)، بل التكرار. غداً ستقول إيرا نفس الفكرة بطريقة مختلفة، لكن بنفس الشخصية. نفس الحركات، نفس النبرة، نفس السخرية التي لا تذل الموضوع، بل تكتسح عنه الأفكار القديمة.
الشخصية ليست «وظيفة إعادة تشغيل»، بل عادة المعنى يعيش بطريقة معينة. يا إلهي، ماذا أقول—من يعرف؟
بعض الأفكار (ربما جميعها؟ لا أعرف، أنا لست فيلسوفاً) من الأفضل أن تُولد بدلاً من أن تُثبت. إيرا تعرف كيف تصبح ممرضة المعنى: لا تضغط، لا تسحب، بل تضع يدك في الوقت المناسب. أو دلواً.
لهذا تحتاج إلى كل هذه المئات من المحاولات—ليس لـ«الحصول على شيء جيد»، بل لكي تتوقف عن التفكير فيه. عندما تتوقف، فجأة تكون الدقيقة كافية لكل جمهور.
لا توجد استنتاجات هنا و«كيفية تكراره بنفسك». إذا كان ضرورياً حقاً—يمكنك إعادة مشاهدة التسجيل والعثور على جميع الحيل التقنية والأوساخ. لكن الأهم غيره: إيرا ليست أداة، بل شخصية. هي محتوى ما تضعونه فيها من أنفسكم.
تشرح ليس لأن «الصيغة التعليمية»، بل لأن «الصدق الداخلي» مشروع فيها بهذه الطريقة—وهو متطابق مع صدقك.
وهذا وحده ما يدركه المشاهد فوراً ويقبله دون إثبات. 57 ثانية لا تعيش على مؤقت، بل في شخصية من يحاول إيرا على نيته، كأنها أفاتار.
Made on
Tilda